لو كان في العمر بقية

سيدي انك تحدق الي بعينين ترعبان الجلمود وتصعقان الحجر،رفقا بي سيدي،لما تعجلت القدوم،إن في الوقت لفسحة،أنظرني حتى إذا الصبح تنفس وأسفر،
والنهار تجلى والليل أدبر،تحاملت على هذا الجسد العليل،وجثوت أدعو الجليل:
أنا عبدك المنكسر الذليل،أخرني ساعة تكن لي فيها
طاعة،أمحو فيها ما أسلفت من الذنوب،وأصلح نفسي التي عابتها العيوب،وأمتطي
في سبيلك الكروب
والخطوب،وأقي نفسي وأهلي ،نار سقر لا تبقي ولا تذر لواحة للبشر عليها تسعة عشر.
سيدي لا يليق أن أركب معك أجنحة السفر الآن ـاعذرني ـحتى أستوفي ديوني،وأحرق بنار الندم والتوبة عيوني،آنذاك أطبق بسلام جفوني،
أراك لا تأبه بكلامي وتدنو هنا أمامي.
سيدي تمهل!لو كان في العمر بقية،سأفجر الأرض ينابيعا وسأجعل للمساكين في كل يوم عيدا،سترى ،وسأغرس الورد والزهر والشجر.
رويدك سيدي،لا تقترب أكثر ؛
وينفجر باكيا ؛محاولا مفارقة الفراش:
دموع اليتامى الذين سلبتهم أرضهم تزيد النار هشيما في
قلبي،لابد أن أكفكفها بيدي الآن وأصبها قطرانا في عيوني،ونواحها آآآه نواح
الأرملةيكاد
يطير بلب عقلي ـ ويمسك برأسه ـ إني لأسمع له لدويا الآن،ربما سينفجر بركانا أو زلزالا يهدم كياني.سأذهب هيا تنحى!خير لي أن تقتص مني،
ناولني البندقية نفسها التي أوقعت بها زوجها،إنها تحت السرير.
وااا رحمتاه على نفسي يبدو أنك بدأت تهيأني للرحيل إني لأجد سكرات قوية ،نعم إن للموت لسكرات.
أين زوجتي التي ما عرفت معي يوما أبيضا،أستغفرها،لو كان في العمر بقية لقبلت يديها في كل يوم خمسا ،ولأغرقتها عقودا وأساور وذهب.
ما أقساك أيها الموت ـ ويجهش مستعبرا ـ أتقدمني على الملك الديان بثوبي هذا المدنس ،لو تريثت حتى أغسله، أو أستبدله بغيره،
وحتى أحلق شعر رأسي، وأنظف فمي وأذناي ويداي وقدماي وعيناي.
لو كان في العمر بق....لم يعد في العمر بقية
كلا إذا بلغت التراقي وظن أنه الفراق والتفت الساق بالساق اإلى ربك يومئذ المساق.